کد مطلب:90549 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:162
أَیُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَمَا خُلِقَ امْرُؤٌ عَبَثاً فَیَلْهُو، وَ لاَ تُرِكَ[2] سُدیً فَیَلْغُو. وَ مَا دُنْیَاهُ الَّتی تَحَسَّنَتْ[3] لَهُ بِخَلَفٍ مِنَ الآخِرَةِ الَّتی قَبَّحَهَا سُوءُ النَّظَرِ عِنْدَهُ. وَ مَا الْمَغْرُورُ الْخَسیسُ[4] الَّذی ظَفِرَ مِنَ الدُّنْیَا بِأَعْلی هِمَّتِهِ كَالآخَرِ الَّذی ظَفِرَ مِنَ الآخِرَةِ بِأَدْنی سُهْمَتِهِ. أَیُّهَا النَّاسُ، كُلُّ امْرِئٍ لاَقٍ[5] مَا یَفِرُّ مِنْهُ فی فِرَارِهِ، وَ الأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ إِلَیْهِ[6]، وَ الْهَرَبُ مِنْهُ مُوافَاتُهُ. كَمِ اطَّرَدْتُ الأَیَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هذَا الأَمْرِ، فَأَبَی اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ[7] إِلاَّ إِخْفَاءَهُ؟. هَیْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ. وَ اللَّهِ مَا فَجَأَنی مِنَ الْمَوْتِ وَارِدٌ كَرِهْتُهُ، وَ لاَ طَالِعٌ أَنْكَرْتُهُ، وَ مَا كُنْتُ إِلاَّ كَقَارِبٍ وَرَدَ، وَ طَالِبٍ [صفحه 526] وَجَدَ، وَ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلأَبْرَارِ[8]. أَمَّا وَصِیَّتی لَكُمْ: فَاللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ[9] لاَ تُشْرِكُوا بِهِ[10]، وَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَلاَ تُضَیِّعُوا سُنَّتَهُ، أَقیمُوا هذَیْنِ الْعَمُودَیْنِ، وَ أَوْقِدُوا هذَیْنِ الْمِصْبَاحَیْنِ، وَ خَلاَكُمْ ذَمٌّ مَا لَمْ تَشْرُدُوا. حَمَّلَ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ مَجْهُودَهُ، وَ خَفَّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ[11] رَبٌّ رَحیمٌ، وَ دینٌ قَویمٌ، وَ إِمَامٌ عَلیمٌ. أَنَا كُنْتُ[12] بِالأَمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَ أَنَا الْیَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وَ غَداً مُفَارِقُكُمْ[13]. إِنْ تَثْبُتِ الْوَطْأَةُ فی هذِهِ الْمَزَلَّةِ[14] فَذَاكَ الْمُرَادُ[15]، وَ إِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ فَإِنَّمَا[16] كُنَّا فی أَفْیَاءِ أَغْصَانٍ، وَ مَهَابِّ[17] رِیَاحٍ، وَ تَحْتَ ظِلِّ غَمَامٍ اضْمَحَلَّ فِی الْجَوِّ مُتَلَفِّقُهَا، وَ عَفَا فِی الأَرْضِ مَخَطُّهَا، لَنْ یُحَابِیَنِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلاَّ أَنْ أَتَزَلَّفَهُ بِتَقْویً فَیَعْفُوَ عَنْ فَرَطِ مَوْعُودٍ[18]. وَ إِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنی أَیَّاماً تِبَاعاً، وَ لَیَالِیَ دِرَاكاً[19]، وَ سَتُعْقَبُونَ مِنّی جُثَّةً خَلاَءً، سَاكِنَةً بَعْدَ حِرَاكٍ، وَ صَامِتَةً بَعْدَ نُطْقٍ[20]، لِیَعِظَكُمْ هُدُوّی، وَ خُفُوتُ إِطْرَاقی، وَ سُكُونُ أَطْرَافی، فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لِلْمُعْتَبِرینَ، مِنَ الْمَنْطِقِ الْبَلیغِ، وَ الْقَوْلِ الْمَسْمُوعِ. وَ دَاعی لَكُمْ[21] وَدَاعَ امْرِئٍ مُرْصَدٍ لِلتَّلاَقی. [صفحه 527] غَداً تَرَوْنَ أَیَّامی، وَ یُكْشَفُ لَكُمْ[22] عَنْ سَرَائِری، وَ تَعْرِفُونی بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانی، وَ قِیَامِ غَیْری مَقَامی. إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِّیُّ دَمی[23]، وَ إِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ[24] میعَادی، وَ إِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لی قُرْبَةٌ، وَ هُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ، فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوَا، عَفَا اللَّهُ عَنَّا وَ عَنْكُمْ[25] أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ[26] ؟. ثم قال علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ، هَلْ فیكُمْ أَحَدٌ یَدَّعی قِبَلی جَوْراً فی حُكْمٍ، أَوْ ظُلْماً فی مَالٍ، فَلْیَقُمْ أَنْصِفُهُ مِنْ ذَلِكَ. فقام رجل من القوم فأثنی علیه و أطراه و ذكر مناقبه. فقال علی علیه السلام: أَیُّهَا الْعَبْدُ، لَیْسَ هذَا حینُ إِطْرَاءٍ، وَ مَا أُحِبُّ أَنْ یَحْضُرَنی أَحَدٌ فی هذَا الْمَحْضَرِ فی غَیْرِ نَصیحَةٍ. وَ اللَّهُ الشَّاهِدُ عَلی مَنْ رَأی شَیْئاً كَرِهَهُ فَلَمْ یُعْلِمْنیهِ، فَإِنّی أُحِبُّ أَنْ أَسْتَعْتِبَ مِنْ نَفْسی قَبْلَ أَنْ تَفُوتَ نَفْسی. اَللَّهُمَّ إِنَّكَ شَهیدٌ، وَ كَفی بِكَ شَهیداً، أَنّی بَایَعْتُ رَسُولَكَ وَ حُجَّتَكَ فی أَرْضِكَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، أَنَا وَ ثَلاَثَةٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتی، عَلی أَنْ لاَ نَدَعَ للَّهِ أَمْراً إِلاَّ عَمِلْنَاهُ، وَ لاَ نَدَعَ نَهْیاً إِلاَّ رَفَضْنَاهُ، وَ لاَ وَلِیّاً إِلاَّ أَحْبَبْنَاهُ، وَ لاَ عَدُوّاً إِلاَّ عَادَیْنَاهُ، وَ لاَ نُوَلِّیَ ظُهُورَنَا عَدُوّاً، وَ لاَ نَمِلَّ عَنْ فَریضَةٍ، وَ لاَ نَزْدَادَ للَّهِ وَ لِرَسُولِهِ إِلاَّ نَصیحَةً. فَقُتِلَ أَصْحَابی، رَحْمَةُ اللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ عَلَیْهِمْ، وَ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ بَیْتی: عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، قُتِلَ بِبَدْرٍ شَهیداً، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ. وَ عَمّی حَمْزَةُ، قُتِلَ یَوْمَ أُحُدٍ شَهیداً، رَحْمَةُ اللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ عَلَیْهِ. [صفحه 528] وَ أَخی جَعْفَرُ، قُتِلَ یَوْمَ مُؤْتَةَ شَهیداً، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِیَّ وَ فی أَصْحَابی: رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضی نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدیلاً[27]. ثُمَّ وَعَدَنَا بِفَضْلِهِ الْجَزَاءَ فَقَالَ: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْیَفْرَحُوا هُوَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ[28]. وَ قَدْ آنَ لی فیمَا نَزَلَ بی أَنْ أَفْرَحَ بِنِعْمَةِ رَبّی. فأثنی الناس علیه و ضجّوا بالبكاء. ثم قال علیه السلام: أَیُّهَا النَّاسُ، أَنَا أُحِبُّ أَنْ أُشْهِدَ عَلَیْكُمْ أَنْ لاَ یَقُومَ أَحَدٌ فَیَقُولَ: أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ فَخِفْتُ، فَقَدْ أَعْذَرْتُ بَیْنی وَ بَیْنَكُمْ. اَللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ یَكُونَ أَحَدٌ یُریدُ ظُلْمی وَ الدَّعْوی عَلَیَّ بِمَا لَمْ أَجْنِ. أَمَا إِنّی لَمْ أَسْتَحِلَّ مِنْ أَحَدٍ مَالاً، وَ لَمْ أَسْتَحِلَّ مِنْ أَحَدٍ دَماً بِغَیْرِ حِلِّهِ. جَاهَدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ أَمْرِ رَسُولِهِ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ، جَاهَدْتُ مَنْ أَمَرَنی بِجِهَادِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْی، وَ سَمَّاهُمْ لی رَجُلاً رَجُلاً، وَ حَضَّنی عَلی جِهَادِهِمْ. وَ قَالَ: یَا عَلِیُّ، تُقَاتِلُ النَّاكِثینَ، وَ سَمَّاهُمْ لی. وَ الْقَاسِطینَ، وَ سَمَّاهُمْ لی. وَ الْمَارِقینَ، وَ سَمَّاهُمْ لی. فَلاَ تَكْثُرْ مِنْكُمُ الأَقْوَالُ، فَإِنَّ أَصْدَقَ مَا یَكُونُ الْمَرْءُ عِنْدَ هَذَا الْحَالِ. فقال الناس خیراً و أثنوا علیه و بكوا[29]. فقال علیه السلام: غَفَرَ اللَّهُ لی وَ لَكُمْ. عَلَیْكُمُ السَّلاَمُ إِلَی الْیَوْمِ اللِّزَامِ[30]. [صفحه 529]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ حَقَّ قَدْرِهِ مُتَّبِعینَ أَمْرَهُ، وَ أَحْمَدُهُ كَمَا أَحَبَّ، وَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ كَمَا انْتَسَبَ[1].
صفحه 526، 527، 528، 529.
و مصباح البلاغة ج 2 ص 15 عن مجمع الزوائد للهیثمی. باختلاف یسیر. و نهج السعادة ج 7 ص 93.