کد مطلب:90549 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:162

خطبة له علیه السلام (62)-قبیل موته















بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ حَقَّ قَدْرِهِ مُتَّبِعینَ أَمْرَهُ، وَ أَحْمَدُهُ كَمَا أَحَبَّ، وَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ كَمَا انْتَسَبَ[1].

أَیُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَمَا خُلِقَ امْرُؤٌ عَبَثاً فَیَلْهُو، وَ لاَ تُرِكَ[2] سُدیً فَیَلْغُو.

وَ مَا دُنْیَاهُ الَّتی تَحَسَّنَتْ[3] لَهُ بِخَلَفٍ مِنَ الآخِرَةِ الَّتی قَبَّحَهَا سُوءُ النَّظَرِ عِنْدَهُ.

وَ مَا الْمَغْرُورُ الْخَسیسُ[4] الَّذی ظَفِرَ مِنَ الدُّنْیَا بِأَعْلی هِمَّتِهِ كَالآخَرِ الَّذی ظَفِرَ مِنَ الآخِرَةِ بِأَدْنی سُهْمَتِهِ.

أَیُّهَا النَّاسُ، كُلُّ امْرِئٍ لاَقٍ[5] مَا یَفِرُّ مِنْهُ فی فِرَارِهِ، وَ الأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ إِلَیْهِ[6]،

وَ الْهَرَبُ مِنْهُ مُوافَاتُهُ.

كَمِ اطَّرَدْتُ الأَیَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هذَا الأَمْرِ، فَأَبَی اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ[7] إِلاَّ إِخْفَاءَهُ؟.

هَیْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ.

وَ اللَّهِ مَا فَجَأَنی مِنَ الْمَوْتِ وَارِدٌ كَرِهْتُهُ، وَ لاَ طَالِعٌ أَنْكَرْتُهُ، وَ مَا كُنْتُ إِلاَّ كَقَارِبٍ وَرَدَ، وَ طَالِبٍ

[صفحه 526]

وَجَدَ، وَ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلأَبْرَارِ[8].

أَمَّا وَصِیَّتی لَكُمْ: فَاللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ[9] لاَ تُشْرِكُوا بِهِ[10]، وَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَلاَ تُضَیِّعُوا سُنَّتَهُ، أَقیمُوا هذَیْنِ الْعَمُودَیْنِ، وَ أَوْقِدُوا هذَیْنِ الْمِصْبَاحَیْنِ، وَ خَلاَكُمْ ذَمٌّ مَا لَمْ تَشْرُدُوا.

حَمَّلَ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ مَجْهُودَهُ، وَ خَفَّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ[11] رَبٌّ رَحیمٌ، وَ دینٌ قَویمٌ، وَ إِمَامٌ عَلیمٌ.

أَنَا كُنْتُ[12] بِالأَمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَ أَنَا الْیَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وَ غَداً مُفَارِقُكُمْ[13].

إِنْ تَثْبُتِ الْوَطْأَةُ فی هذِهِ الْمَزَلَّةِ[14] فَذَاكَ الْمُرَادُ[15]، وَ إِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ فَإِنَّمَا[16] كُنَّا فی أَفْیَاءِ أَغْصَانٍ، وَ مَهَابِّ[17] رِیَاحٍ، وَ تَحْتَ ظِلِّ غَمَامٍ اضْمَحَلَّ فِی الْجَوِّ مُتَلَفِّقُهَا، وَ عَفَا فِی الأَرْضِ مَخَطُّهَا،

لَنْ یُحَابِیَنِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلاَّ أَنْ أَتَزَلَّفَهُ بِتَقْویً فَیَعْفُوَ عَنْ فَرَطِ مَوْعُودٍ[18].

وَ إِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنی أَیَّاماً تِبَاعاً، وَ لَیَالِیَ دِرَاكاً[19]، وَ سَتُعْقَبُونَ مِنّی جُثَّةً خَلاَءً،

سَاكِنَةً بَعْدَ حِرَاكٍ، وَ صَامِتَةً بَعْدَ نُطْقٍ[20]، لِیَعِظَكُمْ هُدُوّی، وَ خُفُوتُ إِطْرَاقی، وَ سُكُونُ أَطْرَافی، فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لِلْمُعْتَبِرینَ، مِنَ الْمَنْطِقِ الْبَلیغِ، وَ الْقَوْلِ الْمَسْمُوعِ.

وَ دَاعی لَكُمْ[21] وَدَاعَ امْرِئٍ مُرْصَدٍ لِلتَّلاَقی.

[صفحه 527]

غَداً تَرَوْنَ أَیَّامی، وَ یُكْشَفُ لَكُمْ[22] عَنْ سَرَائِری، وَ تَعْرِفُونی بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانی، وَ قِیَامِ غَیْری مَقَامی.

إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِّیُّ دَمی[23]، وَ إِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ[24] میعَادی، وَ إِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لی قُرْبَةٌ، وَ هُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ، فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوَا، عَفَا اللَّهُ عَنَّا وَ عَنْكُمْ[25] أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ[26] ؟.

ثم قال علیه السلام:

أَیُّهَا النَّاسُ، هَلْ فیكُمْ أَحَدٌ یَدَّعی قِبَلی جَوْراً فی حُكْمٍ، أَوْ ظُلْماً فی مَالٍ، فَلْیَقُمْ أَنْصِفُهُ مِنْ ذَلِكَ.

فقام رجل من القوم فأثنی علیه و أطراه و ذكر مناقبه.

فقال علی علیه السلام:

أَیُّهَا الْعَبْدُ، لَیْسَ هذَا حینُ إِطْرَاءٍ، وَ مَا أُحِبُّ أَنْ یَحْضُرَنی أَحَدٌ فی هذَا الْمَحْضَرِ فی غَیْرِ نَصیحَةٍ.

وَ اللَّهُ الشَّاهِدُ عَلی مَنْ رَأی شَیْئاً كَرِهَهُ فَلَمْ یُعْلِمْنیهِ، فَإِنّی أُحِبُّ أَنْ أَسْتَعْتِبَ مِنْ نَفْسی قَبْلَ أَنْ تَفُوتَ نَفْسی.

اَللَّهُمَّ إِنَّكَ شَهیدٌ، وَ كَفی بِكَ شَهیداً، أَنّی بَایَعْتُ رَسُولَكَ وَ حُجَّتَكَ فی أَرْضِكَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، أَنَا وَ ثَلاَثَةٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتی، عَلی أَنْ لاَ نَدَعَ للَّهِ أَمْراً إِلاَّ عَمِلْنَاهُ، وَ لاَ نَدَعَ نَهْیاً إِلاَّ رَفَضْنَاهُ،

وَ لاَ وَلِیّاً إِلاَّ أَحْبَبْنَاهُ، وَ لاَ عَدُوّاً إِلاَّ عَادَیْنَاهُ، وَ لاَ نُوَلِّیَ ظُهُورَنَا عَدُوّاً، وَ لاَ نَمِلَّ عَنْ فَریضَةٍ، وَ لاَ نَزْدَادَ للَّهِ وَ لِرَسُولِهِ إِلاَّ نَصیحَةً.

فَقُتِلَ أَصْحَابی، رَحْمَةُ اللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ عَلَیْهِمْ، وَ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ بَیْتی:

عُبَیْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، قُتِلَ بِبَدْرٍ شَهیداً، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ.

وَ عَمّی حَمْزَةُ، قُتِلَ یَوْمَ أُحُدٍ شَهیداً، رَحْمَةُ اللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ عَلَیْهِ.

[صفحه 528]

وَ أَخی جَعْفَرُ، قُتِلَ یَوْمَ مُؤْتَةَ شَهیداً، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِیَّ وَ فی أَصْحَابی: رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضی نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدیلاً[27].

ثُمَّ وَعَدَنَا بِفَضْلِهِ الْجَزَاءَ فَقَالَ: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْیَفْرَحُوا هُوَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ[28].

وَ قَدْ آنَ لی فیمَا نَزَلَ بی أَنْ أَفْرَحَ بِنِعْمَةِ رَبّی.

فأثنی الناس علیه و ضجّوا بالبكاء.

ثم قال علیه السلام:

أَیُّهَا النَّاسُ، أَنَا أُحِبُّ أَنْ أُشْهِدَ عَلَیْكُمْ أَنْ لاَ یَقُومَ أَحَدٌ فَیَقُولَ: أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ فَخِفْتُ، فَقَدْ أَعْذَرْتُ بَیْنی وَ بَیْنَكُمْ.

اَللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ یَكُونَ أَحَدٌ یُریدُ ظُلْمی وَ الدَّعْوی عَلَیَّ بِمَا لَمْ أَجْنِ.

أَمَا إِنّی لَمْ أَسْتَحِلَّ مِنْ أَحَدٍ مَالاً، وَ لَمْ أَسْتَحِلَّ مِنْ أَحَدٍ دَماً بِغَیْرِ حِلِّهِ.

جَاهَدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ أَمْرِ رَسُولِهِ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ،

جَاهَدْتُ مَنْ أَمَرَنی بِجِهَادِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْی، وَ سَمَّاهُمْ لی رَجُلاً رَجُلاً، وَ حَضَّنی عَلی جِهَادِهِمْ.

وَ قَالَ: یَا عَلِیُّ، تُقَاتِلُ النَّاكِثینَ، وَ سَمَّاهُمْ لی.

وَ الْقَاسِطینَ، وَ سَمَّاهُمْ لی.

وَ الْمَارِقینَ، وَ سَمَّاهُمْ لی.

فَلاَ تَكْثُرْ مِنْكُمُ الأَقْوَالُ، فَإِنَّ أَصْدَقَ مَا یَكُونُ الْمَرْءُ عِنْدَ هَذَا الْحَالِ.

فقال الناس خیراً و أثنوا علیه و بكوا[29].

فقال علیه السلام:

غَفَرَ اللَّهُ لی وَ لَكُمْ.

عَلَیْكُمُ السَّلاَمُ إِلَی الْیَوْمِ اللِّزَامِ[30].

[صفحه 529]


صفحه 526، 527، 528، 529.








    1. ورد فی الكافی ج 1 ص 299. و البحار ج 42 ص 206. و منهاج البراعة ج 9 ص 127. و نهج السعادة ج 7 ص 89.
    2. أمهل. ورد فی دستور معالم الحكم للقضاعی ص 48.
    3. تزیّنت. ورد فی المصدر السابق. باختلاف.
    4. ورد فی المصدر السابق.
    5. ملاق. ورد فی تاریخ دمشق لابن عساكر ( ترجمة الإمام علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 369. و مصباح البلاغة ج 2 ص 15 عن مجمع الزوائد للهیثمی.
    6. ورد فی إثبات الوصیة ص 165. و الكافی ج 1 ص 299. و البحار ج 6 ص 126 و ج 42 ص 206. و منهاج البراعة ج 9 ص 127 و ج 18 ص 357. و نهج السعادة ج 7 ص 89.
    7. ورد فی المصادر السابقة. باختلاف یسیر.
    8. آل عمران، 198.
    9. ورد فی الكافی ج 1 ص 299. و البحار ج 42 ص 206. و منهاج البراعة ج 9 ص 127. و نهج السعادة ج 7 ص 89.
    10. أن لا تشركوا باللّه شیئا. ورد فی نسخ النهج بروایة ثانیة.
    11. الحملة. ورد فی مروج الذهب للمسعودی ج 2 ص 436. و منهاج البراعة للخوئی ج 18 ص 358.
    12. ورد فی مروج الذهب للمسعودی ج 2 ص 436. و إثبات الوصیة للمسعودی ص 166.
    13. مفارق لكم. ورد فی نسخة الأسترابادی ص 397.
    14. المنزلة. ورد فی نسخة العام 400 ص 172. و نسخة نصیری ص 79. و نسخة الآملی ص 119.
    15. ورد فی الكافی ج 1 ص 299. و البحار ج 42 ص 207. و منهاج البراعة ج 9 ص 127. و نهج السعادة ج 7 ص 90.
    16. إنّا. ورد فی نسخة العطاردی ص 168.
    17. ذری. ورد فی الكافی ج 1 ص 299. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 369. و البحار ج 42 ص 207. و منهاج البراعة ج 9 ص 127. و مصباح البلاغة ج 2 ص 15 عن مجمع الزوائد للهیثمی. و نهج السعادة ج 7 ص 90.
    18. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 2 ص 731. و تاریخ دمشق لابن عساكر ( ترجمة الإمام علی بن أبی طالب ج 3 ص 369.

      و مصباح البلاغة ج 2 ص 15 عن مجمع الزوائد للهیثمی. باختلاف یسیر.

    19. ورد فی المصادر السابقة. باختلاف.
    20. نطوق. ورد فی نسخة ابن المؤدب ص 123. و هامش نسخة نصیری ص 79. و هامش نسخة الآملی ص 119. و نسخة الأسترابادی ص 195. و نسخة العطاردی ص 169.
    21. وداعیكم. ورد فی نسخة العام 400 ص 173. و نسخة ابن المؤدب ص 123. و نسخة نصیری ص 79. و نسخة الآملی ص 119. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 173. و نسخة الأسترابادی ص 195. و نسخة العطاردی ص 169. و ورد ودّعتكم فی إثبات الوصیة ص 166. و الكافی ج 1 ص 299 و ج 2 ص 436. و منهاج البراعة ج 9 ص 127.
    22. و یكشف اللّه عزّ و جلّ ورد فی الكافی ج 1 ص 299. و البحار ج 42 ص 207. و منهاج البراعة ج 9 ص 127.

      و نهج السعادة ج 7 ص 93.

    23. أولی بدمی. ورد فی هامش نسخة ابن المؤدب ص 239.
    24. فالقیامة. ورد فی مروج الذهب للمسعودی ج 2 ص 436. و إثبات الوصیة للمسعودی ص 166.
    25. ورد فی الكافی ج 1 ص 299. و منهاج البراعة ج 9 ص 127. و نهج السعادة ج 7 ص 93. و مصباح البلاغة ج 2 ص 15 عن مجمع الزوائد للهیثمی.
    26. النور، 22.
    27. الأحزاب، 23.
    28. یونس، 58.
    29. ورد فی دعائم الإسلام للتمیمی ج 2 ص 353.
    30. ورد فی إثبات الوصیة ص 166. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 370. و نهج السعادة ج 2 ص 731.